لماذا يحتاج العراق إلى كليات علم النفس السريري وهندسة الذكاء الاصطناعي؟

بقلم د. نبيل الأمير التميمي مستشار ادارة الازمات الدولية السابق في الامم المتحدة وراعي مشروع بناء الدولة الحديثة في العراق

هذه مقالة تُدرج ضمن المقالات التوعوية الموجهة للمجتمع العراقي، وبشكل خاص للشباب، بأسلوب متوازن وجاد.

▪️لماذا يحتاج العراق إلى كليات علم النفس السريري وهندسة الذكاء الاصطناعي؟
يمرّ المجتمع العراقي بمرحلة معقّدة تتداخل فيها الأزمات النفسية والاجتماعية مع التحديات التكنولوجية المتسارعة في العالم. وبينما تتجه الدول المتقدمة إلى الاستثمار بالإنسان أولاً عبر علم النفس والذكاء الاصطناعي، ما زال العراق يعاني من نقص واضح في التخصصات العلمية القادرة على معالجة أمراض المجتمع وبناء مستقبل معرفي متين.
من هنا تبرز الحاجة الملحّة إلى كليات علم النفس السريري وهندسة الذكاء الاصطناعي، ليس كترف أكاديمي، بل كضرورة وطنية.

▪️علم النفس السريري ..
علاج المجتمع قبل الفرد .. تعرض العراقيون، وخاصة فئة الشباب، إلى سنوات طويلة من الحروب، العنف، الفقر، البطالة، والهجرة القسرية. هذه التراكمات خلّفت أمراضاً نفسية خطيرة مثل الاكتئاب، القلق، الإدمان، العنف الأسري، والانتحار. ورغم ذلك، لا يزال الاهتمام بعلم النفس السريري محدوداً وموسمياً.

إن وجود كليات متخصصة في علم النفس السريري يعني إعداد كوادر علمية قادرة على:
– تشخيص الاضطرابات النفسية بشكل علمي.
– تقديم العلاج والدعم النفسي للشباب والأسر.
– المساهمة في تقليل الجريمة والعنف والتطرف.
– دعم المؤسسات التعليمية والأمنية والصحية ببرامج نفسية وقائية.

إن علاج الإنسان نفسياً هو الخطوة الأولى لإعادة بناء المجتمع والدولة.

▪️هندسة الذكاء الاصطناعي ..
بوابة العراق إلى المستقبل .. في المقابل، يعيش العالم اليوم ثورة تكنولوجية تقودها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب، التعليم، الأمن، الاقتصاد، والإدارة. بينما يتجه شباب العالم إلى تعلم هندسة الذكاء الاصطناعي وصناعة الحلول الذكية، ما زال كثير من شباب العراق محصورين في تخصصات تقليدية لا تلبي متطلبات المجتمع في المستقبل.

إن كليات هندسة الذكاء الاصطناعي تفتح أمام الشباب آفاقاً واسعة، منها:
– دخول سوق العمل العالمي دون الهجرة.
– تطوير أنظمة ذكية لمعالجة الفساد الإداري.
– تحسين الخدمات الصحية والتعليمية باستخدام البيانات.
– بناء حلول تقنية لمشاكل المرور، الطاقة، الأمن، والتخطيط الحضري.

إن الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية، بل أداة سيادة وبقاء للدول، أما التكامل بين التخصصين يعتبر هو الحل العلمي لمشاكل واقعية في المجتمع.

كما ان الأهمية الكبرى تكمن في دمج علم النفس السريري مع الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للشباب العراقي أن يساهم في:
– تطوير برامج ذكاء اصطناعي للكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية.
– إنشاء منصات دعم نفسي رقمية تخدم المناطق النائية.
– تحليل السلوك الاجتماعي والتطرف والجريمة بأساليب علمية حديثة.
– دعم صناع القرار ببيانات دقيقة بدل القرارات العشوائية.

▪️رسالتنا إلى الشباب وصنّاع القرار ..
اولاً .. إلى شباب العراق
ان مستقبل الدول لا يُبنى بالشعارات، بل بالعلم والاختصاص. اختياركم لهذه الكليات هو استثمار لأنفسكم ولوطنكم، وفرصة حقيقية لتكونوا جزءاً من حل أزمات العراق لا ضحايا لها.

ثانياً .. إلى صناع القرار
إن دعم هذه التخصصات، وتوفير البنية التحتية لها، هو حماية للأمن المجتمعي وبناء لاقتصاد معرفي قادر على إنقاذ العراق من دوامة الأزمات. فالعقل السليم والتكنولوجيا الذكية هما أساس أي نهضة حقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى