من سيملأ الفراغ الذي تركه حسام العتابي؟

ضـــرغام الصـــــحاف

في لحظة موجعة، اختطفت يد القدر الناشط المدني الغيور حسام العتابي، الشاب الذي كرّس حياته لخدمة المرضى والعوائل المتعففة، تاركا خلفه فراغا لا يمكن أن يُملأ وذكرى لا تنطفئ في قلوب من عرفوه وأحبوه.

لم يكن حسام مجرد ناشط مدني، بل كان قلبا نابضا بالإنسانية، يسابق الوقت لمساعدة كل محتاج، ويمدّ يده لكل مريض، ويفتح بابه لكل عائلة تعاني الفقر أو العوز. كان يجوب شوارع البصرة، ليس بحثا عن شهرة أو مكسب، بل بحثا عن بسمة يرسمها على وجه طفل مريض، أو دمعة فرح في عين أم وجدت من يساعدها في كفاحها اليومي.

في ريعان شبابه، كان حسام شمعة تضيء دروب المحتاجين، لا يعرف الكلل ولا الملل، يعمل ليلا ونهارا في حملات إنسانية لإغاثة المرضى، وتأمين العلاج لمن لا يملك ثمنه، ولم يتردد يوما في طرق الأبواب لجمع التبرعات لمن يحتاج. لم يكن حسام يملك سوى قلبٍ نقي وروحٍ نقية، لكنه كان أغنى الناس بعطائه الذي لا حدود له.

أمس، وبينما كانت البصرة تغفو على ضجيج الحياة، حلّ خبر رحيله كالصاعقة، حادث سير مؤلم أنهى حياة من عاش للآخرين، وكتب فصلا حزينا في تاريخ مدينته التي أحبها حتى آخر لحظة. لم يكن مجرد اسم يمرّ في الأخبار، بل كان روحا من أرواح البصرة، جسدا رحل لكن أثره سيبقى خالدا في كل شارع، وكل مستشفى، وكل بيت ساعده في أيامه الأخيرة.

بعيون دامعة وقلوب مكسورة، ودّعته البصرة اليوم، لكنها لم ولن تنساه. لن ينساه المرضى الذين وجدوا في مبادراته طوق نجاة، ولن تنساه العوائل التي مدّ لها يد العون في أحلك الظروف. حسام لم يمت، بل بقي خالدا في كل يد ساعدها، وفي كل روح أنقذها، وفي كل دعوة خرجت من قلب أم راضية على شبابه الطاهر.

قد تكون الحياة ظلمتك بأجلٍ رحل مبكرا، لكنك كنت أكبر من الزمن، وأعظم من الموت. رحلت جسدا، لكنك بقيت معنىً، بقيت رمزا، بقيت مثالا للنقاء والوفاء والعطاء. نم قرير العين يا حسام، فالبصرة لن تنساك، ولن تنسى دموعها وهي تودّعك، ولن تنسى قلبك الذي خفق بحبها حتى آخر نبضة.

زر الذهاب إلى الأعلى